آخر الأحداث والمستجدات
مهندس مصري مقيم بمكناس يقدم مشروع الذهب الأخضر
يقيمُ المهندس الفلَاحِي المصرِي، عادل عبد العزيز سعد، في المغرب منذ أكثر من ست سنوات، وبالضبط في مدينة مكناس.. وَيعملُ متخصصا في تحليل علوم المياه والتربة، كمَا أنَّ لديه خبرات متعددة في مجال تحليل التربة والمياه، زراعات البيوت المحمية، وَزراعات الأشجار المثمرة، وَإنشاء المشاتل وإعداد دراسات الجدوى الاقتصادية للمشروعات الزراعية.
في هذا، الذي أجري على هامش المعرض الدولي للفلاحة المقام مؤخراً بمدينة مكناس، يكشف عادل سعد عن مشروع زراعة نبات الهوهوبا أو "الذهب الأخضر" في الصحراء المغربية، وأنه سوف يتم التجهيز قريباً للخطوات النهائية، تمهيدا للوصول إلى المرحلة الأخيرة من المشروع، وذلك بعد الانتهاء من مرحلة الدراسة والإعدادات المسبقة بصفة عامة.
أنت مهندس فلاحي قادم من مصر إلى المغرب، قلت إن حلمك هو زراعة الصحراء المغربية بنبات الهوهوبا، ما نوع هذا النبات بداية، ما هي مميزاتها وأين وصل مشروعك الحلم؟
في البداية، أنا سعيد جدا بهاذ الحوار معَ جريدتكم، التي أتشرف بكوني من متابعيها بصفة يومية، نظرا لمواكبتها جميع الأخبار بِمهنية ومصداقية كبيرة.
كما تحدثت من قبل عن نبات الهوهوبا في العديد من المنابر الإعلامية، سواء بالمملكة المغربية، أو في خارجها. فنبات الهوهوبا أو "الذهب الأخضر" كما أطلقت عليه من قبل هو عبارة عن شجيرة صغيرة اكتشفت في الولايات المتحدة الأمريكية، وتحديدا بصحراء السونورا وخليج المكسيك، تنتج بذورا يمكن أن نستخرج منها زيتا يصلح للعديد من الاستخدامات الطبية، في علاج أمراض التجميل وإنتاج مستحضرات التجميل، والصناعية في إنتاج الأوراق والشموع والصابون.
كمَا يستخدم بالمجال الفلاحي في علاج المبيدات التي تنشأ في النباتات، والأهم من هذا، وهو الاستخدام الرئيسي، هو أن زيت "الهوهوبا" يستخدم كوقود للطائرات والسفن والصواريخ والسيارات، ولقد نفذت الفكرة في العديد من الدول وأعطت نجاحات كبيرة ونقله نوعية في تحول اقتصاديات تلك الدول إلي مراحل متقدمة جدا، ونذكر على سبيل المثال لا الحصر، دولتَيْ البرازيل وَالهند.
أمَّا فيما يخص مميزات شجيرة الهوهوبا، فنجد أنها تستطيع تحمل العطش لمدة تزيد عن العام، لأن احتياجاتها المائية تعادل نصف الاحتياجات المائية لجميع النباتات، وتستطيع أن تتحمل درجة الحرارة حتى 50 درجة مئوية و 5 تحت الصفر.
كما تستطيع تحمل درجات عالية من الملوحة التي قد تصل من 3000 إلى 7000 جزء في المليون، بالإضافة إلى ندرة إصابتها بالأمراض وقلة حاجيتها للرعاية والخدمة، وزراعتها في الأراضي القاحلة والصحراوية، وعلاوة على ذلك فهي ذات عائد اقتصادي كبير، وَ ينصح بزراعتها في الأماكن الصحراوية القاحلة.
بخصوص المشروع الحلم كما لقبتمُوه، سوف يتم عما قريب التجهيز للخطوات النهائية، تمهيدا للوصول للمرحلة الأخيرة من المشروع وذلك بعد الانتهاء من مرحلة الدراسة والإعدادات المسبقة للمشروع بصفة عامة.
لماذا وقعَ الاختيار على المغرب لإنجازِ المشروع، رغم أن هناك عوامل مشتركة بيئيا مع مصر؟
انتظر دائما ذلك السؤال، الذي يطرح علي في جميع المناسبات، لماذا المغرب وليس مصر؟ رغم أننِي أرى من وجهة نظري الشخصية، أنَّ مصر أو المغرب بلادي فِي الآن ذاته، أكن لهما نفس القدر من الاحترام والاعتزاز والإخلاص، فمصر بلادي التي ولدت بها، وكوني ابنا من أبنائها، يجعلني أعتز بانتمائِي لمصر في جميع الأوقات، أما المملكة المغربية فَبلدي الثاني الذي أقيم به منذ فترة طوِيلَة، والذي ارتبطت فيه الآن بارتباطات أسرية، وقريبا سوف يكون أولادي هنا، هذا من الجانب الشخصي.
أما فيما يخص الجانب العملي فما المانع من نقل نفس التجربة التي خاضتها مصر وأمريكا والمكسيك والارجنيتين والبيرو إلى المغرب في تلك النوعية، من المشروعات، بالأخص في ظل تشجيع المغرب للفلاحة وذلك برعاية الملك محمد السادس لكل ما هو فلاحي أو بيئي، وذلك من خلال مخطط المغرب الأخضر، زيادةً على اندماج المغرب في العديد من الاتفاقيات الخاصة بالمحافظة علي البيئة، وتتويجا لذلك دخول مدينة الرباط كعاصمة اليوم العالمي للمحافظة علي البيئة، مؤخرا فيما يسمي بيوم الأرض.
باعتباركَ مهندسا زراعيا، ما هي الزراعات التي يمكن للمغرب تطويرها اليوم وهناك إغفال لها، بالإضافة إلى زراعة نبات الهوهوبا ؟
أعتقد أن المغربَ يقوم منذ انطلاق العمل بالمخطط الأخضر، بعمل كبير للاهتمام بجميع أنواع المشاريع والزراعات.. الزراعات لم تلقَ بعد اهتماما كافياً هيَ الزراعات العضوية التي لم تأخذ حيزاً كبيراً حتي الآن، وتنحصر زراعتها في مكان واحد وبشركات دائما ما تكون أجنبية، وَتوجه إنتاجاها لأسواق بلادها فِيالخارج، لذا فلابد من تطوير تلك النوعية من الزراعات المربحة، وتربية الثقافة عند الفلاح لإنتاجها وذلك من خلال عمل ندوات مستمرة من مراكز الأبحاث ومساعدة الفلاحين علي خوض غمار الدخول في المنافسة في تلك النوعية من الزراعات .
شاركتم في أكثر من مرة في الملتقى الدولي للفلاحة، كيف ترون هذه التجربة؟
بالفعل لقد نلت شرف المشاركة أكثر من مرة بالمعرض الفلاحي الدولي في مدينة مكناس العريقة، عبرَ حضوري باسم شركتي أو بصفتي الشخصية كزائر، أول زيارة لي إلى المعرض الفلاحي كانت منذ خمس سنوات، وكانت مميزة بالفعل، والآن بعد مرور أكثر من عام، ووصلنا للعام الثامن، أرَى أن المعرض يزداد تألقا وإبهارا للجميع من جميع المقاييس، وأضحَى أيقونَى لمدينة مكناس، وَمن خلال منبركم الإعلامي المتميز أوجه تحية شكر لكل القائمين علي إنجاح تلك التظاهرة كل عام، بكل احترافية ودقة، بداية من جميع المسئولين ونهاية بالحضور المشرف والمتميز من الجميع.
ارتباطا بالموضوع كيف تقيمون سياسة المغرب الأخضر، كإستراتيجية وطنية وضعت لتحقيق تنمية فلاحية ترمي إلى جعل القطاع الفلاحي من أهم محركات تنمية الاقتصاد الوطني في أفق 2020؟
أعتقد أن المغربَ قطعَ شوطا كبيرا، ويَسير علي نهج عالٍ من الدقة والاحترافية، خُصوصا بعد تطبيق وتنفيذ العديد من مراحل مخطط المغرب الأخضر المبشر جدا بالخير، والذي اعتبره عبوراً ونقلة نوعيه في تحويل المملكة المغربية من نوعية الفلاحة التقليدية إلي نوعية الفلاحة العصرية ذات المردودية، المثمرة والعالية الجودة، وفتح أسواق جديدة وخلق فلاح عصري يهتم بإنتاج ذي جودة عاليَة وتسويق بثمن جيد، فتشجيع المغربُ للفلاحة بعد إطلاق مخطط المغرب الأخضر، أَدمج قطاع الفلاحة الذي يعتبر قطاعا عريضا وكبيراً تشتغل به حوالي 33 في المائة من العمالة بالمغرب من ضمن الاقتصاد المغربي، وسوف تكتمل الصورة بعد نجاح المخطط في أفق عام 2020.
هل ترى أن هذا ممكن في ظل التحديات التي تواجه الفلاحة المغربية، وعلى رأسها ندرة الموارد المائية والتقلبات المناخية، والذان يشكلان أكبر تحد للقطاع الفلاحي بالمغرب حيث يُتوقع أن يصبح ثلثا الأراضي غير قابلة للاستغلال الفلاحي بحلول 2050؟
فيما يخص ندرة الموارد المائية فهي مشكلة تعاني منها الكثير من الدول وليس المغرب فقط، ولكن إتباع المغرب لسياسة بناء السدود في فترة الملك الراحل الحسن الثاني رحمه الله، الذي كان ينظرُ دائما إلى الأمور، بنظر ذويل، أمنت مخزونا ومورد مائيا للملكة المغربية لفترات بعيدة.
أمَّا فيما يقترنُ بحل ندرة الموارد المائية، فجميع الدول الآن تحاول استخدام الطاقة النووية بطرق سلمية، وذلك من خلال التحكم في اتجاه السحب وعمل ما يسمي بإسقاط الأمطار بطريقة صناعية، وإذا رجعنا إلى المتخصصين في تلك النوعية من العمليات، سوف نَجد أن معظمهم من المهندسين المغاربة الأكفاء الذين يعملون علي ذلك في العديد من البلدان، لذلك لا خوف من موضوع نقص الموارد المائية.
سؤال أخير، هلْ ترى أننا في المغرب بعيدون عن مشاكل الأمنِ الغذائي، أم أن هذا التحدي لا يزال مطروحا أمامنا؟
فيما يخص مشكلة الأمن الغذائي فهو تحدي مطروح دائما، ولابد أن يكون دائما أمام الأنظار، لأَن الزيادة السكانية في استمرار والموارد الطبيعية ثابتة، لذلك لابد من العمل دائما علي ابتكار الطرق الجديدة لمكافحة مشكلة الأمن الغذائي من خلال التوسع في زراعة المحاصيل الاستيراتيجية، والحد من الإفراط في استخدام المياه بصورة غير طبيعية، وأخيرا التوعية والترشيد الدائم لمكافحة الزيادة السكانية حتي لا يحدث التضخم الذي تعاني منه العديد من البلدان الآن.
الكاتب : | م.بن الطيب |
المصدر : | هسبريس |
التاريخ : | 2013-05-04 12:18:29 |